بــــــــــــــــــــــدع عبــــــــــــــر الجــــــــــوال
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة0 قال تعالى000(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)0 والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الذي حذر أمته من البدع وشرع لهم من سنن الهدى ما فيه غنى ومقنع00 فقال00(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) وقال أيضاً00(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية00(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال00(تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الذين اعتصموا بسنته فاتبعوا ولم يبتدعوا00 وعلى من اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين000 أما بعد000 فإنه لا شيء أفسد للدين وأشد تقويضاً لبنيانه من البدع00 فهي تفتك به فتك الذئب بالغنم00 وتسري في كيانه سريان السرطان في الدم00 والنار في الهشيم0 لهذا جاءت النصوص الكثيرة تبالغ في التحذير منها00 وتكشف عن سوء عواقبها الوخيمة0
لقد أحدث كثير من المسلمين في دينهم من البدع والخرافات ما لا يرضاه مسلم عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر0 حتى أنك ترى في كثير من الأحيان أن البدع تروج كأنها سنة00 ويكون قصد مروجيها حسناً00 لكنهم يضرون أنفسهم ويضرون غيره0 قال تعالى00(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)
وفي كل عام تخرج علينا بعض الاجتهادات حتى تصل إلى حد البدعة00 وهذا من جهل الناس0 وانطلاقهم من العواطف والحماس غير المنضبط0
فهناك من ينشر أقوالاً وأفعالاً يظن أن فيها مصلحة وخيراً للناس لكنه في واقع الحال أن هذه الأمور معدودة من البدع0 ولذا ينبغي على الإنسان ألا يقدم على شيء ليس له مستند شرعي حتى يسأل عنه أهل العلم0 قال تعالى00(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
وإن مما استوقفني هذه الأيام بعض رسائل الجوال التي كثرت مثل000 ختم العام بالاستغفار00 وختم صحيفة العمل بالصيام والدعاء0 ومثل بدء صحيفة العام الجديد بالعمل الصالح0 أو يقول في آخر يوم من العام00 أرجو أن تسامحني وأن تعفو عني0 ويرسل هذه الرسائل لأقوام لا يعرفهم0
والأدهى والأمر أن يقول00(لأني أحبك أمانة في رقبتك أن تصلي على محمد عشر مرات وترسلها لغيرك وستسمع خبراً سارا) أو يقول000(قل لا إله إلا الله عشر مرات وأرسلها لعشرة أشخاص) أو يقول000(حاسب نفسك في آخر جمعة، فما تدري هل تصلي جمعة أخرى أم لا)
هذه الكلمات في أصلها لا شيء فيها00 لكن تقييدها بزمن أو مكان هو الممنوع00 والقاعدة عند أهل العلم00(أن تقييد العبادة بزمن أو مكان لم يرد فيه نص شرعي يعتبر من البدع)
إن انتشار البدع ورواجها حصل بمثل هذا الحماس وتلك العواطف التي لم تلجم بلجام الشرع0
ومعلوم أن من أصول الدين الواجب اعتقادها00 ولا يصح إيمان المرء دونها أن الإسلام دين أتقن الله بناءه وأكمله00 فمجال الناس التطبيق والتنفيذ0 وهذا أمر أدلته ظاهرة0
ولقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بإبلاغ رسالة ربه أتم بلاغ وأكمله00 فما انتقل إلى جوار ربه إلا والدين كامل لا يحتاج إلى زيادة00 لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الزيادة في الدين فقال000(إذا حدثتكم حديثاً فلا تزيدن علي)وروي عن بعض الصحابة منهم ابن مسعود رضي الله عنه قال00(اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم) وقال ابن عمر رضي الله عنهما000(كل بدعة ضلالة00 وإن رآها الناس حسنة)
وقال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله0000(من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول000(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً) 000 وقال الإمام الشافعي رحمه الله000(من استحسن فقد شرَّع) وقال الإمام أحمد رحمه الله000(أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة ضلالة)
لقد أُرسلت إليّ أكثر من رسالة من هذا النوع00 ثم أتصلُ مباشرة بمن أرسلها وأخوفه بالله تعالى00 وأقول له00 هل لك سلطة تحملني الأمانة؟0 وما هو مستندك الشرعي؟0 فكلهم يتراجع ويستغفر00 ويقول00 ظننت أن في ذلك أجراً00 فلينتبه العقلاء وليحذروا عواطف الجهلاء وحماس الشباب غير المنضبط0
فتعاونوا أيها المسلمون على الخير ووضحوا الأمر للجهلاء0 وعلى طلاب العلم أن يجلَّوا الأمر في دروسهم ومجالسهم وخطبهم لعل الله أن ينفع بالأسباب
أسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن يوفقنا وإياكم للتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعض عليها0 وأن يجنبنا البدع ما ظهر منها وما بطن00
هذا والله اعلم وصلى الله وسلم
</B></I>
|
 |
رد مع اقتباس
