التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 27 -08- 2009 الساعة 10:57 PM
ما شاء الله تبارك الله
ما اروع فكرك اخي عبدالله
اسال الله أن يكتب لك الأجر
سنتابع معك وسنعمل على مساعدتك كي نشاركك الأجر
الحديث الأول:
أتاكم رمضــــان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ "
رواه أحمد (9213) والنسائي (2106) وصححه الألباني في صحيح النسائي (1992) .
هذا الحديث بشارة لعباد الله الصالحين بقدوم شهر رمضان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة رضي الله عنهم بقدومه ، وليس هذا إخباراً مجرداً ، بل معناه : بشارتهم بموسم عظيم ، يقدره حق قدره الصالحون المشمرون ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بين فيه ما هيأ الله لعباده من أسباب المغفرة والرضوان ، وهي أسباب كثيرة ، فمن فاتته المغفرة في رمضان فهو محروم غاية الحرمان .
وإن من فضل الله تعالى ونعمه العظيمة على عباده أن هيأ لهم المواسم الفاضلة لتكون مغنماً للطائعين ، وميداناً لتنافس المتنافسين .
فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات ، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات . ( أحاديث الصيام .. للفوزان ص 13 )
أتى رمضان الذي تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ؛ والسبب – والله أعلم – كثرة الخير في رمضان وزيادة الإقبال على أسباب المغفرة والرضوان ، فيقل الشر في الأرض ، حيث تصفد مردة الشياطين بالسلاسل والأصفاد ، وينشغل المسلمون بالصيام وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ، وكل فعل من أفعال البر وقول من أقوال الخير
يقول ابن العربي رحمه الله : " وإنما تفتح أبواب الجنة ليعظم الرجاء وتتعلق بها الهمم ويتشوق إليها الصابر ، وتغلق أبواب النار .. لتقل المعاصي ، ويُصد بالحسنات في وجوه السيئات فتذهب سبيل النار " .
وهذا يفسر لنا السرَّ في أوبة كثير من العصاة وتوبتهم إلى الله تعالى ، وحرصهم على الطاعة ، وحضورهم المساجد في هذا الشهر الفضيل .
أتى رمضان وأتى المنادي معه : " يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر " فأجب هذا النداء – أيها المسلم – وسارع إلى فعل الخيرات .
إن أوقات رمضان من مواسم العمر ، والسعيد من تزود فيها ، فالليل في صلاة ودعاء ، والنهار في صوم وقراءة قرآن وصدقة وصلة وطلب علم وعمل فاضل ..
وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه ، كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه أن يتقبله منهم ..
كانوا يصومون أيامه ويحفظون صيامهم عما يبطله أو ينقصه من اللغو واللهو واللعب والغيبة والنميمة والكذب ، وكانوا يحيون لياليه بالقيام وتلاوة القرآن ...
كانوا يتعاهدون فيه الفقراء والمساكين بالصدقة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوام ..
كانوا يجاهدون فيه أنفسهم بطاعة الله ويجاهدون أعداء الإسلام في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله ..
فقد كانت غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسمون على عدوهم في اليوم السابع عشر من رمضان ..
وكانت غزوة فتح مكة في عشرين من رمضان حيث دخل الناس في دين الله أفواجاً وأصبحت مكة دار إسلام ..
فليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل بل شهر جهاد وعبادة وعمل ..
لذا ينبغي لنا أن نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكريم ..
وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ...
وكيف لا نفرح بشهر تُفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتُغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات ، وتغفر الخطايا والسيئات ..
ينبغي لنا أن ننتهز فرصة الحياة والصحة والشباب فنعمرها بطاعة الله وحسن عبادته
{ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما } ..
ينبغي أن ننتهز فرصة قدوم هذا الشهر الكريم فنجدد العهد مع الله تعالى على التوبة الصادقة في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات ..
وأن نلتزم بطاعة الله تعالى مدى الحياة بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لنكون من الفائزين { يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } .
(مجموعة رسائل رمضانية .. للجار الله ص 6)
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه ..
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 02 -09- 2009 الساعة 11:51 PM
الحديث الثاني:
صوموا لرؤيته
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ :
" لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلالَ وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ "
رواه البخاري (1906) ومسلم (1080) .
هذا الحديث دليل على وجوب صوم رمضان إذا ثبتت رؤية هلاله شرعاً .
ويدل كذلك على وجوب الفطر إذا ثبت رؤية هلال شوال شرعاً ، وأنه يجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً إذا حال غيم أو نحوه دون رؤية هلال رمضان .
ويدل أيضاً على وجوب إكمال رمضان ثلاثين يوماً إذا حال غيم أو نحوه دون رؤية هلال شوال ؛ لأن الأصل بقاء الشهر فلا يُحكم بخروجه إلا بيقين .
ولا يُشترط أن يرى الهلال كل واحد بنفسه ، بل إذا رآه من يثبت بشهادته دخول الشهر أو خروجه ثبت الحكم .
ومعنى قوله : " فإن غُمَّ عليكم " أي سُتِرَ الهلال وغُطي بغيم أو نحوه .
وقوله : " فاقدُروا له " أي أبلغوه قدره ، وهو تمام ثلاثين يوماً ، ويؤيد هذا المعنى
رواية الصحيحين ( فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ) .
وهنا مسألة مهمة كثيرا ما تُطرق في هذا الوقت ، وهي :
حكم صيام يوم الشك ؟
يوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان إذا لم ير فيها الهلال لغيم أو غبار أو نحو ذلك ..
ولا يجوز صيام يوم الشكّ ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإكمال شعبان ثلاثين إذا غُم الهلال لأن تلك الليلة من شعبان بحسب الأصل فلا تكون من رمضان إلا بيقين ، ولقول عمار بن ياسر رضي الله عنه :
" من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم "
رواه الترمذي (686) والنسائي (2188) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (553) .
وينبغي الاهتمام بهلال شعبان حتى تُعرف ليلة الثلاثين التي يُتحرى فيها هلال رمضان .
ويستكمل الشهر عند عدم الرؤية لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أحصوا هلال شعبان لرمضان "
رواه الترمذي 687 وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 565
ومعنى الحديث :
اجتهدوا في إحصاء شعبان وضبطه بأن تتحروا وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان فلا يفوتكم منه شيء .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 02 -09- 2009 الساعة 11:52 PM
الحديث الثالث:
بني الإسلام على خمس..
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ "
رواه البخاري 8 ومسلم 16
في هذا الحديث دليل على وجوب صوم رمضان ، وأنه من أركان الإسلام ومبانيه العظام ، وفرضه الله تعالى على عباده لِحكم عظيمة ، وأسرار باهرة ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها .
إذ " المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات ، وفطامها عن المألوفات ، وتعديل قوتها الشهوانية ، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها ، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية. ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها ..
ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين ..
وتضييق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب ..
وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها ..
ويسكن كل عضو منها وكل قوة عن جماحها وتُلجَمُ بلجامه ، فهو لجام المتقين ، وجُنة المحاربين ، ورياضة الأبرار والمقربين ....
وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة ، وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات فهو من أكبر العون على التقوى .." انتهى كلام ابن القيم .
وفي الصيام من جزيل الثواب وعظيم الأجر ما لو تصورته نفس صائمة لطارت فرحاً ، وتمنت أن تكون السنة كلها رمضان كما فهم ذلك سلف هذه الأمة ..
وفي الصيام فوائد صحية كثيرة ، ومصالح عامة وخاصة ، والله عليم حكيم .
وقد دلت النصوص على أن من أدى الواجبات والفرائض ، وترك المحرمات فهو من أهل الجنة ؛ لما روى طَلْحَة بْن عُبَيْدِ اللَّهِ قال :
" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : لا ، إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ .
قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ ؟
قَالَ : لا إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ .
قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟
قَالَ : لا إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ .
فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ . "
رواه البخاري (6956) ومسلم (11) .
فالحمد لله الذي شرع العمل ووفق للقيام به ورتب عليه الأجر ، هو أهل التقوى وأهل المغفرة .
المرجع كتاب ( أحاديث الصيام ) للفوزان ص17
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 02 -09- 2009 الساعة 11:53 PM
الحديث الرابع:
إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ..
لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ ..
وَلَخُلُوفُ فِيهِ (فمه) أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ "
رواه البخاري (5927) ومسلم (1151) واللفظ له.
هذا الحديث دليل على فضل الصيام وعظيم منـزلته عند الله تعالى ، وقد جاء في هذا الحديث أربع من فضائل الصوم الكثيرة ..
الأولى :
أن الصائمين يوفون أجورهم بغير حساب ، فإن الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد بل يضاعفه الله عز وجل أضعافاً كثيرة .
فإن الصيام من الصبر ، وقد قال الله تعالى :
( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
قال الأوزاعي :
" ليس يوزن لهم ولا يُكال ، إنما يغرف غرفاً " .
الثانية :
أن الله تعالى أضاف الصوم إلى نفسه من بين سائر الأعمال ، وكفى بهذه الإضافة شرفاً ، وهذا والله أعلم لكونه يستوعب النهار كله ، فيجد الصائم فقد شهوته ، وتتوق نفسه إليها وهذا لا يوجد بهذه المدة في غير الصيام لا سيما في نهار الصيف لطوله وشدة حره ..
وترك الإنسان ما يشتهيه لله تعالى هو عبادة مقصودة يثاب عليها ، ولأن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله تعالى ، فهو عمل باطن لا يراه الخلق ولا يدخله رياء .
الثالثة :
أن الصائم إذا لقي ربه فرح بصومه ؛ وذلك لما يراه من جزائه وثوابه ، وترتب الجزاء عليه بقبول صومه الذي وفقه الله له .
وأما فرحه عند فطره فلتمام عبادته وسلامتها من المفسدات ، وحصول ما مُنع منه مما يوافق طبيعته ، وهذا من الفرح المحمود لأنه فرح بطاعة الله ، وتمام الصوم الموعود عليه الثواب الجزيل كما قال تعالى :
( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ) .
الرابعة :
أن رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، وهذا الطيب يكون يوم القيامة لأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال ، لرواية " أطيب عند الله يوم القيامة " مسلم (163).
كما يكون ذلك في الدنيا لأنه وقت ظهور أثر العبادة لرواية
" ولخلوف فم الصائم حين يخلف من الطعام أطيب عند الله من ريح المسك " ابن حبان (8/211) .
وهذه الرائحة وإن كانت مكروهة في مشامِّ الناس في الدنيا ، لكنها أطيب عند الله من ريح المسك لكونها ناشئة عن طاعة الله تعالى .
قال ابن حبان رحمه الله :
" شعار المؤمنين في القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا فرقاً بينهم وبين سائر الأمم ، وشعارهم في القيامة بصومهم طيب خلوفهم أطيب عند الله من ريح المسك ليُعرفوا بين ذلك الجمع بذلك العمل نسأل الله بركة ذلك اليوم . "
ومن فضائل الصيام أن الله تعالى اختص الصائمين بباب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم إكراماً لهم ، فقد روى سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إن في الجنة باباً يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحدٌ غيرهم ، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد "
رواه البخاري 1896 ومسلم 1152"ومن دخل شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا " صحيح ابن خزيمة 1903.
لكن هذه الفضائل لا تكون إلا لمن صام مخلصاً عن الطعام والشراب والنكاح ، وصام عن السماع المحرم والنظر عن المحرم والكسب عن المحرم ، فصامت جوارحه عن الآثام ولسانه عن الكذب والفحش وقول الزور .
فهذا هو الصوم المشروع المرتب عليه الثواب العظيم ، و إلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "
رواه البخاري 1903.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر "
رواه أحمد (8693) وابن ماجه (1690).
المرجع ( أحاديث الصيام .. للفوازان ص27 )
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 02 -09- 2009 الساعة 11:55 PM
الحديث الخامس:
من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "
رواه البخاري 38 ومسلم 760
هذا الحديث دليل على فضل صوم رمضان وعظيم أثره ، حيث كان من أسباب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات ..
وفي الحديث الآخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ " رواه مسلم 233
وقد ورد أن الصيام وكذا الصلاة والصدقة كفارة لفتنة الرجل في أهله وماله وجاره فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة "
رواه البخاري 525 ومسلم 144.
وقد دلت النصوص على أن هذه المغفرة الموعود بها مشروطة بأمور ثلاثة :
الأول :
أن يصوم رمضان إيماناً - أي إيماناً بالله ورسوله وتصديقاً بفرضية الصيام وما أعد الله تعالى للصائمين من جزيل الأجر .
الثاني :
أن يصومه احتساباً - أي طلباً للأجر والثواب ، بأن يصومه إخلاصاً لوجه الله تعالى ، لا رياءً ولا تقليداً ولا تجلداً لئلا يخالف الناس ، أو غير ذلك من المقاصد ..
بل يصومه طيبةً به نفسه غير كاره لصيامه ولا مستثقل لأيامه ، بل يغتنم طول أيامه لعظم الثواب .
الثالث :
أن يجتنب الكبائر ، وهي جمع كبيرة ، وهي كل ذنب رتب عليه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو رتب عليه غضب ونحوه ، وذلك كالإشراك بالله وأكل الربا وأكل مال اليتيم والزنا والسحر والقتل وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وشهادة الزور واليمين الغموس ، والغش في البيع وسائر المعاملات ، وغير ذلك.
قال تعالى :
( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما )
فإذا صام العبد رمضان كما ينبغي غفر الله له بصيامه الصغائر والخطيئات التي اقترفها إذا اجتنب كبائر الذنوب وتاب مما وقع فيه منها .
وقد أفاد حديث أبي هريرة
" الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ "
أن كل نص جاء فيه تكفير بعض الأعمال الصالحة للذنوب كالوضوء وصيام رمضان وصيام عرفة وعاشوراء وغيرها أن المراد به الصغائر ، لأن هذه العبادات الثلاث العظيمة وهي الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إذا كانت لا تُكفر بها الكبائر فكيف بما دونها من الأعمال الصالحة ؟
ولهذا يرى جمهور العلماء أن الكبائر لا تكفرها الأعمال الصالحة ؛ بل لا بد لها من توبة أو إقامة الحد فيما يتعلق به حد والله أعلم .
فعلى المسلم أن يبادر بالتوبة في هذا الشهر الفضيل من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها عسى الله أن يتوب عليه ويغفر ذنبه ..
ومن لوث حياته بالمعاصي والآثام في سمعه وبصره ولسانه وجوارحه فقد أضاع على نفسه فرصة التطهير ومغفرة الذنوب ، فلم يستحق المغفرة الموعودة بل ربما أصابه ما دعا به جبريل صلى الله عليه وسلم ، وأمَّن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يروي لنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال :
" آمين آمين آمين ، قيل : يا رسول الله : إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين ، فقال : " إن جبريل عليه السلام أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يُغفر له فدخل النار فأبعده الله ، قل آمين ، فقلت : آمين "
رواه ابن خزيمة (3/192) وأحمد (2/246-254) وأصله عند مسلم برقم 2551. وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 997: حسن صحيح .
فعلى المسلم الصائم أن يحرص على أسباب المغفرة والرضوان بالحفاظ على الصيام والقيام وأداء الواجبات ، وأن يبتعد عن أسباب الطرد والحرمان من المعاصي والآثام في رمضان وبعد رمضان ليكون من الفائزين .
وإن من علامة ذلك أن يستغرق الإنسان أوقات رمضان بالطاعة تأسياً بنبيه صلى الله عليه وسلم .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات ...
وكان أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن ، والصلاة والذكر والاعتكاف .
وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور ، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة ...
والله أعلم .
المرجع ( أحكام الصيام .. للفوزان ص35)
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
التعديل الأخير تم بواسطة ا.عبدالله ; 02 -09- 2009 الساعة 11:56 PM
الحديث السادس:
من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "
رواه البخاري 37 ومسلم 759 .
الحديث دليل على فضل قيام رمضان ، وأنه من أسباب مغفرة الذنوب ، ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان ..
والمغفرة مشروطة بقوله :
" إيماناً واحتساباً "
ومعنى " إيمانا " :
أي أنه حال قيامه مؤمناً بالله تعالى ، ومصدقاً بوعده وبفضل القيام ، وعظيم أجره عند الله تعالى .
" واحتساباً " :
أي محتسباً الثواب عند الله تعالى لا بقصد آخر من رياء ونحوه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ، ثم يقول : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ".
فعلى المسلم أن يحرص على صلاة التراويح ، ويصبر على إتمامها مع إمامه ، ولا يفرط في شيء منها ، ولا ينصرف قبل إمامه ، حتى ولو زاد إمامه على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " .
وما هي إلا ليالٍ معدودة يغتنمها العاقل قبل فواتها .
وقال أبو داود :
" قيل لأحمد وأنا أسمع : يؤخر القيام – يعني التراويح – إلى آخر الليل ؟
قال : لا سنة المسلمين أحب إليّ . "
وإذا رغب الإنسان أن يصلي ما كتب له وقت السحر ، فإنه لا يوتر في آخر صلاته مرة أخرى ، بل يكتفي بوتره مع إمامه في صلاة التراويح لما ورد في حديث طلق بن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا وتران في ليلة " .
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا "
فهو محمول على من صلى في آخر الليل ولم يوتر في أوله ..
والأمر فيه محمول على الندب وليس على الإيجاب ، فلا يلزم ختم صلاة آخر الليل بالوتر ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد وتره في آخر الليل .
قال أبو داوود :
قلت لأحمد : ينقض الوتر ؟ قال : لا .
قال أبوداوود :
سمعت أحمد يقول فيمن أوتر أول الليل ثم قام يصلي ؟
قال : يصلي ركعتين ..
قيل : وليس عليه وتر ؟
قال : لا .
قال : وسمعته سئل عمن أوتر يصلي بعدها مثنى مثنى ؟
قال : نعم ، ولكن يكون بعد الوتر ضجعة . أ.هـ
وينبغي للإمام في صلاة التراويح أن يراعي صلاته ، فيصلي صلاة الخاشعين يرتل القراءة ، ويطمئن في الركوع والسجود ، ويحذر من العجلة لئلا يخل بالطمأنينة ن ويتعب من خلفه من الضعفاء وكبار السن والمرضى ..
يقول السائب بن يزيد :
" أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر " .
وإذا سلم المصلي من الوتر قال :
" سبحان الملك القدوس "
ثلاثاً
يمد بها صوته ويرفع في الثالثة ، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة ، وخرجن محتشمات غير متبرجات بثياب زينة ولا طيب ، وصلين بخضوع وخشوع ، منزهات بيوت الله تعالى عن اللغو ورديء الكلام ، من غيبة أو نميمة أو ما يتعلق بشئون بيوتهن لعلهن أن يسلمن من الإثم ، ويحظين بثواب الله تعالى . والله أعلم
المرجع ( أحاديث الصيام .. للفوزان ص 59)
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .
\
\\ أ . عَبداللهَ \\ ~
\
جُزيتَ ألفَردوسَ ألأعلىَ وَرفقةَ ألأنبياَء
أكَرمكَ أللهَ بـِ صيامَ ألشهرِ وَقيامهَ وأنتَ بَخيرَ..\,’
,
جزاك الله خير ويكتب الله لك الأجر ما اروع فكرك وشكرا
جزيت خيراً اخ عبدالله
الحديث السابع:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :الصيام جُـنَّة
" الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ...وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ..يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي ، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا "
رواه البخاري 1894 ومسلم 1151
هذا الحديث دليل على أن الصائم مطالب بحفظ صومه ، وذلك بالتحلي بمكارم الأخلاق والبعد عن سيئها ، ليؤدي الصوم ثمرته المطلوبة ، وتترتب عليه المغفرة الموعود بها .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل : إني صائم ، إني صائم " .
وعنه - أيضاً – رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "
رواه البخاري 6057.
فقد دل هذا الحديث وما قبله على أن الصائم يحرص على سلامة صومه مما ذُكر .
وعلى أن هذه المذكورات يزداد قبحها في الصيام ، ولهذا ذُكرت فيه ، كما دل الحديث على أن الصيام الشرعي صيام الجوارح ، وأما الصيام عن الطعام والشراب ففي مقدور كل أحد فأمره سهل .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" الصيام جُنَّة "
أي ما يُجِنُّك أي يسترك ويقيك مما تخاف .
والمعنى :
أن الصيام يستر صاحبه ويحفظه من الوقوع في المعاصي ، التي هي سبب العذاب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" الصيام جُنة من النار كجنة أحدكم من القتال .. "
وهذا دليل بيِّن على فضل الصيام .
وقوله " فلا يرفث "
الرفث هو الكلام الفاحش ، ويطلق على الإفضاء بالجماع والمباشرة لشهوة ، قال تعالى :
{ أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم .. }
قال كثير من العلماء :
إن المراد به في هذا الحديث الفحش ورديء الكلام والله أعلم .
قوله : " ولا يصخب "
الصخب هو الصياح والخصومة ورفع الأصوات كما هو شأن الجهال .
قوله : " ولا يجهل "
الجهل هنا يراد به ما يُقابل الحِلْم ، وأكثر ما يُستعمل ضد العلم .
وقوله : " فليقل إني صائم "
أي إذا نازعه أحد أو خاصمه أو سابَّه فإنه لا يعامله بمثل عمله بل
يقول : " إني صائم "
لعل خصمه ينـزجر عن قتاله وسبابه إذا علم أنه لا ينتصر منه لِعِلَةِ صومه .
وهل يقول ذلك بلسانه ؟
فيه أقوال :
قيل : بلسانه ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وقيل : يقولها في نفسه .
وقيل : في الفرض يقولها بلسانه وفي النفل يقولها في نفسه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" والصحيح أنه يقول بلسانه كما دلَّ عليه الحديث ، فإن القول المطلق لا يكون إلا باللسان ، وأما ما في النفس فمقيد كقوله :
" عما حدثت به أنفسها "
ثم قال :
" ما لم تتكلم أو تعمل به " .
فالكلام المطلق إنما هو الكلام المسموع وإذا قال بلسانه : إني صائم بيَّن عذره في إمساكه عن الرد ، وكان أزجر لمن بدأه بالعدوان "
منهاج السنة 5/197.
إن الصوم المقبول حقاً هو صوم الجوارح عن الآثام ، واللسان عن الكذب والفحش والبطن عن الطعام والشراب والفرج عن الرفث ومباشرة النساء .
والصيام مدرسة تربوية تُعلِّم الحِلم والصبر والصدق ، وتحث على مكارم الأخلاق وفضائل الأقوال والأعمال ، فالصائم لا يصخب ولا يغلو ولا يغضب ، ولا ينطق كذباً ولا يقول زوراً ، لا يُخلف وعداً ولا يؤخر عملاً ، بل قوله ذِكر ، وصمته فِكر ، وإنَّ وقت الصائم لَأَنفس وأغلى من أن يُنفق في هذه المهلكات ، التي تؤثر على ثواب الصيام أو تذهب حقيقته . والله أعلم
المرجع ( أحكام الصيام ... للفوزان ص51 )
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ...
بارك الله فيك أخي أعبدالله .....
لا عدمنا قلمك الايماني
الله يجزاك عنا خيراً
بارك الله فيك
ولا حرمك الأجر
الحديث الثامن:
من أكل أو شرب ناسياً
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ " رواه البخاري 1933 ومسلم 1155
هذا الحديث دليل على أن من أكل أو شرب ناسياً فصومه صحيح لا نقص فيه ، ولا إثم عليه ؛ إذ لا قصد له في ذلك ولا إرادة ، بل هو رزق ساقه الله إليه ، ولهذا أضاف إطعامه وسقيه إلى الله تعالى .
وما يكون مضافاً إلى الله تعالى لا يؤاخذ عليه العبد ؛ لأنه إنما يُنهى عن فعله ، والأفعال التي ليست اختيارية لا تدخل تحت التكليف ، ولا فرق بين الأكل والشرب القليل والكثير لعموم الحديث .
وليس عليه قضاء لأنه أُمر بالإتمام وسما الذي يُتَمَ صوماً ، فدل على أنه صائم حقيقة .
وصحة صوم من أكل أو شرب ناسياً وكونه لا قضاء عليه أمر مجمع عليه ، لولا خلاف الإمام مالك وابن أبي ليلى ...
ويقاس على الأكل والشرب بقية المفطرات ؛ لحديث أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة "
أخرجه ابن حبان 8/288 والحاكم 1/430 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6070 .
وهذا الحكم في الصائم فرد من أفراد القاعدة العظيمة العامة في قوله تعالى :
( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
وقد صح في الحديث الشريف أن الله تعالى قال إجابة لهذا الدعاء :
" قد فعلت " وفي رواية " قال : نعم " .
وهذا من لطف الله تعالى بعباده والتيسير عليهم ورفع الحرج والمشقة عنهم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" إن الله تجاوز لي عن أمني الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .
وهنا مسألة مهمة وهي :
ماذا لو رأيت صائماً يأكل أو يشرب ناسياً فهل علي تذكيره ؟
والجواب :
من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً وجب عليه إعلامه وتذكيره ؛ لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
والأكل والشرب في نهار رمضان منكر والناسي معذور ، فوجب إعلامه في الحال .
ومن اغتسل أو تمضمض أو استنشق فدخل الماء إلى حلقه بلا قصد لم يَفْسُد صومه ..
وكذا لو طار إلى حلقه ذباب أو غبار من طريق أو دقيق أو نحو ذلك ..
أو وصل البنـزين إلى حلقه بغير اختيار لم يفسد صومه ؛ لعدم إمكان التحرز من ذلك ، لأنه لا قصد له ولا إرادة ، فهو كالناسي في ترك العمد وسلب الاختيار ، ولهذا قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه :
" باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً " .
ثم قال :
وقال عطاء :
إن استنثر فدخل الماء في حلقه لا بأس إن لم يملك .
( أي بدون قصد ، أما لو استطاع دفع الماء ولم يدفعه وبلعه أفطر ) .
والله أعلم
المرجع ( أحكام الصيام ... للفوزان ) ص 39
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .