الأسرة ( الحياة الزوجية ) والصحة النفسية :
الأسرة هي إحدى لبنات المجتمع التي يقوم عليها ويتكون منها ، وتقوم الحياة الزوجية على علاقات وتترتب عليها مسؤوليات هامة ، والزواج هو الخطة الأولى في تكوين الأسرة 0 والزواج قد يحالفه التوفيق إذا تحقق التوافق بين الزوجين ، وقد يصيبه الفشل إذا لم يكن هناك توافق بين الزوجين وهو الشرط الأساسي 0
• الدين الإسلامي يحث على الزواج :
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) وفي بعض الروايات فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج يعني الزواج 0
والباءة تتمثل في ثلاثة أمور :
1ـ القدرة المالية ، حيث يستطيع دفع المهر والصرف على الأسرة وفتح بيت وجميع التكاليف 0
2ـ القدرة النفسية ، حيث يستطيع فتح بيت وتكوين أسرة ورعايتها وحمايتها والتصرف السليم تجاهها وتحمل الطواريء التي تطرأ 0
3ـ القدرة الجنسية والجسمية حيث يستطيع الزوج القيام بمهامه تجاه زوجته وإشباع غرائزها 0 فإذا توافرت جميع تلك الأمور من الباءة فتأخير الشخص زواجه غير مناسب وغير جيد وربما يؤدي تأخيره للزواج إلى أمر لا تحمد عقباه وربما يدخل في أمور تضره هو 0 أما إذا توفر الأمر الأول ولم يتوفر الأمر الثاني والثالث فالأفضل له ألا يتزوج 0 وإن توفر الأمران الثاني والثالث ولم يتحقق الأمر الأول فعليه بالصبر والصوم حتى يحصل على المال ثم يتزوج 0 ولعل مما يؤخر زواج الشباب عدة أمور ومنها : غلاء المهور وكثرة تكاليف الزواج وعدم توفر المال 0 فالكثير من الشباب يتخرجون في الجامعات ثم لا يحصلون على وظائف فيتأخر زواجه ، أو يجد وظيفة ولكن الراتب قليل لا يفي بمستلزمات ومطالب الزواج وبذلك يتأخر زواجه 0 والقليل جدا من يتأخر زواجه بسبب أنه يريد أن يبقى حرا طليقا ولا يربط نفسه بزوجة وأسرة ويريد أن يشبع رغباته بالسفريات والسياحة وغير ذلك 0 وللزواج المبكر فوائد كثيرة دينية وصحية ونفسية ، وإذا رزقه الله بأبناء ففي يوم من الأيام سيشاهد ابنه البكر وسنه قريبا من سنه وكأنه أخ له وليس ابنا وفي هذا راحة نفسية ونعمة وفضل 0
• المقومات النفسية للحياة الزوجية :
سنويا هناك الآف من الزيجات التي تتم ، فالزواج ليس من الأمور العسيرة ــ وإن كان البعض يتحجج بالمهر والتكاليف والمسكن ـ والكثير من الأزواج يعتقدون أنهم سوف يحققون حياة زواجية سعيدة ، فالحب يربط بين الطرفين ، ولكن الحب وحده لا يكفي ، فالزواج في الواقع عملية قبول وإيجاب بين الطرفين ، وجهود مشتركة يبذلها الزوجان في مواجهة الضغوطات وصعوبات الحياة ، ولا يمكن أن يعتبر الزواج ناجحا إلا إذا توفرت فيه عوامل التماسك والاستمرارية 0 والزواج يقوم على الأخذ والعطاء ، وتتخذ فيه القرارات المشتركة ، وقد بينت الدراسات أن التوافق بين الزوجين أكثر نجاحا في الحالات التالية :
1ـ إنتماء الزوجين إلى ثقافة اجتماعية متماثلة : فالحياة الزوجية تتضمن تكوين أساليب مشتركة للحياة في الأكل والنوم والإنفاق والكسب والحب 0 وعندما ينتمي الزوجان إلى أسر متماثلة تسود فيها عادات سلوكية متشابهة تصبح الحياة المشتركة سهلة ، أما إذا كان كل من الزوج أو الزوجة ينتمي إلى بيئة اجتماعية متباينة كل التباين ، فإن عملية التكيف تصبح أكثر صعوبة 0
2ـ الخبرات النفسية للزوجين : إن الجو النفسي للأسرة الذي يعيش فيه كل من الشريكين قبل الزواج من العوامل المؤثرة في سعادة الزوجين 0 فالشخص الذي يمر في طفولته وحياته السابقة بخبرات سارة توفر له الأمن والحب يمكنه النجاح في إقامة علاقات زوجية سعيدة 0 ويؤكد علماء النفس أن الطفل المحروم من الحب أو المنبوذ لا بد أن يصبح أباً قاسيا أو زوجا سيئاً 0
3ـ النضج الانفعالي : إن أفضل الزيجات هي تلك التي تقوم أو تتم بين شخصين يقدران على الزواج ويرغبان فيه ويتوفر لهما درجة من النضج يحكمان العقل والمنطق 0 إن النضج الانفعالي لا يتحدد بعدد السنوات التي بلغها كل من الزوجين ، فكم من رجل لا يتعدى إتزانه الانفعالي مستوى طفل صغير 0 وهناك من الشباب الصغار من يصل إلى سن الرشد والتكامل النفسي ، وإن كان من النادر أن يتحقق النضج النفسي قبل سن العشرين ، وعلى العموم فإن الشباب في سن الخامسة والعشرين ، والشابات في مطلع العشرينات أكثر إستعدادا لتحمل مسؤوليات وتبعات الزواج 0
4ـ الاشتراك في أهداف عامة : من العبث أن نشاهد رجلا وإمرأة يحاولان إنشاء حياة زواجية ولديهما ميول وقيم متصارعة 0 وعندما يشترك الزوجان في الأهداف ويتفقان في الميول والقيم يستطيعان تحقيق التكيف المتبادل بالرغم من تعارض وجهات النظر 0
5ـ التعارف العميق : لا يمكن للزواج أن ينجح بدون فترة مناسبة من التعارف 0 فقد تبين أن أكثر الزيجات الفاشلة هي تلك التي تمت بالسرعة والصدفة ودون تعارف مسبق 0 ولكن قد شاهدنا الكثير من الزيجات قد تمت من دون تعارف مسبق أو فترة خطوبة طويلة ، وكتب لها النجاح ، وعلى العكس فإن الكثير من حالات الزواج التي تمت عن طريق حب وتعارف مسبق قد انتهت بالفشل ، لأن في فترة الخطوبة والحب ، قد رسم كل من الزوج والزوجة صورة مثالية لنفسه وحبب نفسه بشكل لم يتم معه بعد ذلك الاستمرار وتغير الزوج أو الزوجة وظهر كل منهما على حقيقته الأمر الذي أدى إلى نشوء الخصومات والخلافات المستمرة التي انتهت بالفشل 0
للموضوع بقية 00 وغدا أكمل إن شاء الله تعالى 0