لا يكاد يقترب شهر رمضان الذي بشر نبينا صلى الله عليه وسلم في حديثين برواية الشيخين: أن من صام نهاره غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليله غفر الله له – أيضا – ما تقدم من ذنبه).. حتى تتوالى إعلانات الفضائيات بما ستبتلي به مشاهديها من مسلسلات تلفزيونية تمت كتابتها وتصويرها خصيصا لشهر رمضان!.
مسلسلات ليس فيها من قصص التاريخ وما أكثرها، أو التوجيه والتوعية، أو الثقافة والإرشاد ما يمكن أن يفيد المشاهد!.
بل إن معظم ما تقدمه الفضائيات خلال الشهر الكريم من مسلسلات تلفزيونية يخلو حتى من الإبداع الفني وحتى من اختيار الاسم المناسب مثل (العار.. في رمضان)!.
وأدهى وأمر ما قد تشتمل عليه بعض المسلسلات من لقطات فاضحة، أو جلسات كيف!.. وحفلات يتعاطى فيها الفنانون كؤوسا من الكحول وإن كانت هي من عصير الفواكه.. أو الماء المختلط بشيء من الشاي ليبدو في لون الكحول، في الوقت الذي كان من الأولى أن لا يكون لكل ذلك أي داع ولو من باب احترام الشهر الكريم.
إن مما يؤسف له أن شهر رمضان قد تحول عند أصحاب الفضائيات تجارة، وتجارة تدر عليهم ربحا كبيرا بما يتخلل تقديم المسلسل من إعلانات تجارية يفوق زمن بثها في بعض المحطات المدة الزمنية التي يستغرقها بث المسلسل، خاصة إذا كان فيه من الأبطال أشهرهم، أو الأكثر قبولا عند المشاهد الذي يحلم بمشاهدة شيء من القصص الديني، أو الروايات التاريخية، أو الاستفادة بما يثري ثقافته أو وجدانه، ولكنه لا يجد غير السقيم من القصص، والمكرور من الروايات، والمؤذي من المناظر التي لا تليق بشهر رمضان ولياليه الفاضلة.
إنني لا أستطيع أن أزعم بأني لست من مشاهدي التلفزيون ولكني - بكل أسف – في الغالب أعود من جولاتي على المحطات الفضائية بخفي حنين لا ترفعا، وإنما ضيقا بما شاهدت من مسلسلات غير لائقة بعرض الكثير منها على مدار العام، ناهيك عن شهر رمضان وما يجب أن تخصه به الفضائيات من برامج ومسلسلات فيها من التوعية والعبر ما ينفع المشاهد، بالإضافة إلى شيء من الترفيه البريء الذي يدخل الفرحة على النفوس، فقد جاء في الأثر: (روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إذا كلت عميت).
وأعود لأقول لأصحاب ومنتجي المسلسلات: لئن لم يخطر في بالكم احترام وعي ووقت المشاهد، فلا أقل من أن تحترموا شهر رمضان ولياليه الفضيلة.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإنه إذا كان الفضاء يغزونا بالتفاهات التي تأتي عبر المسلسلات، فإن من المؤسف أن الجو والبحر والبر خاصة عند قدوم شهر رمضان يملأ شوارعنا بالمتسولين الذين جاءت بهم فيما يلوح لي شركات متخصصة للكسب من وراء عاهاتهم الخلقية أو المصنعة، أو بالأطفال الرضع ممن تحملهن النساء في الطرقات وبجوار إشارات المرور لاستدرار عطف الناس، الأمر الذي يتطلب ملاحقة بل ومطاردة من جهات الاختصاص لحماية سمعة بلادنا ولكي يستفيد المحتاجون من أبناء الوطن من صدقات المحسنين، بدلا من أن يستولي عليها المتاجرون بالمتسولين المستقدمين
عكاظ/عبد الله عمر خياط