رثاء فقيدي الهواشم

فقد الأخ / سعود الحسن والوالد منصور باري - رحمهما الله - كان له بالغ الأثر في نفوسنا جميعا،وموتهما -رحمهما الله - في يومين متقاربين جعل المحبين لهما يشعرون وكأنهما ماتا في نفس الوقت.
وقد حاولت أيام العزاء أن أقول فيهما شيئا لكن الشعر - لهول المصاب - تأبّى علي،وفي ليلة العيد تذكرت أبناء الفقيدين وتخيلت كيف سيكون لقاؤهم بالعيد من دونهما فقلت :


نجمان من فَلَكِ الهواشم شُيُّعا=فاهتزت الدنيا لموتهما معا
مضيا وهالات التقى تغشاهما=أرأيت قبلهما الجلال مشيعا؟
تتقلب الأبصار في حاليهما=حيرى فترجع بالمشيئة خُشّعا
وإذا القلوب تشيد من إيمانها=صبرا فيضحي بالدموع مصدعا
وأرى الردى يبدي الزهادة جهده=في الخاملين وبالأماجد مُولَعَا
والموت وِردٌ والورى إن عُمِّرت=لابد يوما منه أن تتجرعا

خطبان عمّا كل جارحةٍ أسى=فينا ومدّا الخافقات توجّعا
فإذا الوجود وقد تبدل صبحه=ليلا كئيبا بالمرارة مترعا
وإذا الدنا تُلقي جميلَ ثيابها=فَتُرى -بدونهما-خرابا مفزعا
وإذا جيوش الحزن نحو سرورنا=تسري فيصبحَ بالسواد مقنّعا
وإذا بيَوم العيد يُقبِلُ حائرا=بين التغني والبكاء مُضيّعا
ياعيدُ عدْ فالخطبُ جلّ ولم يعدْ=بابُ السرور كما عهدتَ مشرَّعا

وقفتْ هنا الأيامُ تستجلي الذي=مالم يكن في ظنها متوقعا
أترى (سعود) -ويا لها من صدمة=قد بات في لحدٍ وحيدا مضْجعا
أم هل ترى (منصور) نبراس الدجى=أمسى بأعماق الدجنة مُودَعا
رُزءان بالحزن المؤجّجِ ذوَّبا=أرواح من خبروا الرجال وأضلُعا

ذهبا فكل العيش محضُ رتابةٍ=ما أقبح العيش الرتيب وأضيعا
بكت الديار عليهما ولطالما=كم أبهجا عينا بهن ومسمعا
نجمان مؤتلقان في درج العلا=عن كل آفاتِ النفوس ترفّعا
قلبان بالإيمان طهرا أُفعِما=بالسُّحبِ لو قِيسا لكانا أَنصَعا
غصنان بالقيم الرفيعة أزهرا=من دَوحِ(خيرات)العظيم تفرّعا
والنَّبتُ لا يهبُ الحلاوةَ طرحُهُ=إلاّ إذا استوفى جَنَاهُ فأينعا
ورث البنون من الشمائل ما حكى=تاجين بالدُّرِّ الثمين ترصّعا
(فالبدر) و (الحسن) استعدا بالرضا=وعلى طريق البِّرِ ثمةَ أسْرَعا

فإذا نظرتَ رأيتَ في جسميهما=طَودَين بالصبر الجميل تدرَّعا
عانقتُ أشذاء الرزانة والنهى=في ماجدين على الثبات تطبّعا
وكأنني عانقتُ في ثوبيهما=روضين من خُلُقٍ زكا فتضوّعا
متطلعَيْن إلى الرحيم وعفوه=ولَذَاك أحسن ما يكون تَطَلُّعا

يا أيها (الحسن) المُرَجّى خيرُهُ=زِنْ قبرَ والدك المكرم بالدُّعا
وأعِضْهُ في الإخوان خيرَ خلافةٍ=واملأ لياليك الطوالَ تضَرُّعا
يا(بدر) لاتحزن فمن شيّعتَهُ=صَنَعَ الرجالَ من البنين فأبدعا
يكفيك أنك لو سألتَ عن الذرا=مَدَّتْ يدُ الإعجابِ نحوك إصبعا
فارحمها اللهم ثم أنلهما=دارَ الخلود بفضل جودك مرتعا



للشاعر الأستاذ حمود القاسمي