مقبرة الأوهام
أضغاثُ أحلامِـكِ المشبوهـة النَّسَـبِ=تُكَبِّـلُ الأمْـسَ بالأوْهـامِ والـرِّيَـبِ
وترسـمُ القـادمَ الوضَّـاحَ معـركـةً=شعارُهـا الهتْـكُ للنِّيَّـاتِ فانسَحِبـيْ
ودثِّـريْ عُمْـرَكِ البـاقِـيْ بأمنـيـةٍ=أنْ تمَّحِي منْ خيالاتـيْ ومِـنْ كُتُبِـي
ومِنْ تراتيْلِ أسْمـاريْ فقـدْ رَجَحَـتْ=بِكِ الظُّنـونُ وأزْرى الدهـرُ فانْتَحِبِـيْ
ولْيَهْنِكِ الويلُ بـات الويـلُ مرْحَمـةً=تُسْقِيكِ من كفها صابـاً علـى نَصَـبِ
حَفَـرْتُ عينيـكِ للأوْهـامِ مقـبـرةً=صَقلتِ فيها مرايـا الزَّيْـفِ فانْتَسِبِـيْ
هـذي مرايـاكِ عَـرَّتْ كـلَّ شامخـةٍ=تَكَشَّفَـتْ وانْجلـى المَطْلِـي بالذَّهَـبِ
حَسِبـتُ عينيـكِ للأحـلامِ مثـمـرةً=فأصبـحَ التيـنُ زقُومـاً بعيـنِ أَبِـيْ
فلْيَهْنِكِ الأكلُ مِـنْ أوصـابِ مَرْحَلـةٍ=شربتُ فيها زُعافـاً والمـدى سُحُبِـيْ
كمْ نِلْتُ مِنْ برْقِهـا اللَّهَّـابِ صاعقـةً=كمْ نِلْتُ مِنْ رَعْدِها الصخَّابِ رَوْعَ صَبِيْ
وِلَمْ أَنَلْ مِنْكِ إلا الوعْـدَ مـا بَرِحَـتْ=رُؤاكِ تَشْتَـطُّ حتـى عِشْـتُ للنُّـوَبِ
أُعانق الوَهْـمَ والأغْـوالُ تَصْرَعُنِـيْ=وأنْتِ تَمْشينَ فـي زَهْـوٍ ولـمْ أَتُـبِ
كـمْ قُلـتُ لبيـكِ والآمـالُ تُمْطِرُنِـي=شوقاً إليكِ وفي عِطْفَـيَّ حُـبُّ غَبِـيْ
لا يَرْعَـوِيْ عـنْ مُناجـاةٍ وتَمْتمَـةَ ٍ=تُنْبِيْكِ عنْ حُبِّـهِ الفيَّـاضِ والرَّحَبِـيْ
تُنْبِيْكِ عنْ جِسْمِهِ الرَّعَّـاشِ إذْ لَمَحَـتْ=عَيْنَاك عَيْنَيْهِ يرْعَـى رَعْشَـةَ الهُـدُبِ
تُنْبِيْكِ عن شوقِهِ الوقَّـادِ عـنْ رَجُـلٍ=أفْنى الحياةَ بصـومٍ غيـرِ مُحَتَسـبِ
أَتَذْكُـرِيْـنَ تراتيْـلـي وأغْنـيـتـيْ=عنْ الهُيامِ وعـنْ إغرائِـكِ الذَّهَبِـي؟
أَتَذْكُرِيْنَ كـمِ اسْتغرقـتُ مـن زَمَـنٍ=أرجو رضاكِ وكمْ أفنيْتُ مـن سبـبِ؟
أترَعْتُ كفيكِ من ماءِ الهوى وشَكَـتْ=كفَّايَ منْ جدْبِهـا الموعودِ..فانْسَكِبِـيْ
أَتَذْكُرِيْنَ ؟ يظلُّ العيـشُ- مسْغَبـةً -=خيراً منَ العيْشِ فـي جنَّاتِـكِ الغُلُـبِ
آنَ الآوانُ تَجَلَّـى الزيـفُ وانصرفـتْ=عنكِ الشياطينُ باتَ السحرُ فـي تَبَـبِ
ها أنـتِ مملوكـةٌ للوهـمِ يُمْطِرُهـا=مستقبـلُ العمـرِ بالآهـاتِ واللَّهـبِ
فغادريْنِـيْ إلـى الأمْـواتِ لا حُمِـدَتْ=تلكَ المسـاءاتُ أو أبْقَـتْ علـى أَرَبِ
وسلِّمِـي عندمـا تأتيـنَ مقبـرةَ الـ=غيِّ الوبـيءِ علـى أربابِـكِ النُّجُـبِ
ومَنْ أضاعُوْكِ فـي أدْغـالِ غايَتِهِـم=وأنْبتـوكِ بـأرْضِ الزيْـفِ والكَـذِبِ
قوليْ لهمْ كانَ يهوانـيْ فعثـت بـه!=واليومَ أهـواهُ والنِّسيـانُ إرْثُ أَبِـيْ!
صنَعْتُ منـهُ عُـرَى قلْبِـيْ فَقَطَّعَهـا=كما فعلـت وليـس النصـر كالغلـب
باتتْ سَجايايَ رَهْنَ الموتِ مُذْ نَسَجَـتْ=فيَّ الأكاذيبُ نَسْـجَ الوهْـنِ والعَطَـبِ
أنا المـواتُ وغيـريْ الحَـيُّ تَمْنَحُـهُ=رُؤاهُ بَلْسَمَهـا الوضَّـاءَ كالشُّـهُـبِ
يا مَوْطِنَ الوهْمِ عَرَّى الصُّبْحُ موطِننـا=واغْتالنا اللَّيْلُ بالأضْـواءِ والصَّخَـبِ
وغَرَّنـا أنَّنـا نَبْنِـي الكـلامَ بــلا=وعْيٍ وفيْنـا عَمَـى صَنَاجـةِ العَـرَبِ
12/5/1427هـ