الشاعر : عبدالرزاق عبدالواحد

[رجل الظلام]

(110)

النعاس الأبدي

يا منى قلبي المعذب يا دنيا
رجائي في وحدتي واغترابي
ياعزائي والداء يعصر أنفاسي
ويغتال ذاوياً من شبابي
علليني فقد دجا كل ما حولي
وران النعاس في أهدابي
علليني فقد يئست من الدنيا
ومالي من مأمل بالإياب
يا أعز الآمال من لي بأن أغرق
في مقلتيك قبل غيابي
هاجس بالذهاب يهجس في
نفسي فهلا أراك قبل ذهابي
من شفيعي إليك يا كل آمالي
إذا لم يكن شفيعاً عذابي
من شفيعي ، وقد نأى كل
من حولي فلا إخوتي ، ولا أصحابي .

[رجل الظلام]

(111)

بعد الصحو

يكاد يُقتل يأساً لاتزيديه
يكفيه أن له قلباً لتبكيه !
وأن وخز ضمير في جوانحه
ما انفك يطفو دموعاً في مآقيه
ما كان يهواك كي يلهو ولا شرقت
عيناه بالدمع كي تروى قوافيه
لكنه كان يهوى فيك طفلته
وبيته وسراباً من أمانيه
حلم تلاشى وماتت طفلة وصحا
فعاد يخبط في دنيا مآسيه
لاتظلمي حبه لو شئت أنت له
ضحى لنيلك بالماضي وما فيه
وعاش يهفو إلى آت يقدسه
من أجل عينيك لكن ضاع آتيه
أنت التي شئت أن يهوى فكان هوىً
وشئت أن ينتهي واليوم ينهيه !

(112)

ولكن

قلت ياقلب سوف ننسى هواها
فاتئد ربما عشقنا سواها
كلما خلت أنني كدت أنأى بك
عنها لججت في ذكراها
دون جدوى أشقيت نفسك يا
قلبي وأشقيتني ومن تهواها
دون جدوى وكنت تملك أن
تنسى ولكن أبيت أن تنساها !

(113)

النسغ

لقد عدت أهوى فيك يأسي وحيرتي
وأهواك إعراضاً به طيف ملتقى
عشقتك سراً مبهماً لو عرفته
لما كان شيء بين عينيك يتقى
وما كنت ظمآناً فأروي بك الظما
و لاكنت أرجو فيك للوحي مرتقى
ولكنني قدست فيك الهوى الذي
يُمدّ لزرعي أي نار إذا سقى !

[رجل الظلام]

(114)

يوماً ما

وعينيك يا سلوى أحس دمي يجري
وأبسم للدنيا كأني لا أدري
طعينٌ وكفي فوق جرحي تشدّه
وأضحك حتى لايرى ألمي غيري
وأعلم يا سلوى بأن هواجسي
ثقالٌ على كل الصدور سوى صدري
فأودعها في أضلعي كلما قست
تململ في الأوراق حرف على سطر
سأضحك يا سلوى وإن كان في دمي
سعيرٌ أقاسي منه فوق مدى صبري
وماذا تبقى لي لآسف بعدما
رأيت أعز الناس أدنى إلى غدري ؟!

(115)

لن تُرجعي ما كان

عينان تنطفئان .. تنزع فيهما الأحلام
وهوىً تناءى ثم غاب كأنه أوهام
ووجيب قلب نامْ
لا تبحثي في مقلتيه فليس ما ترجين
هو لايريدك أن تري في وجهه مسكين
أحلامه من طين
لا تتعبي جفنيك غلّف يأسه جفنيه
هو لن يراك وإن تكن عيناك في عينيه
لن ترجعي ما كان من إيمان
بالحب والوجدان
لن ترجعي ما كان
عيناك يطفح فيهما ألق الهوى المحموم
هو حبك المزعوم
أمس استقر بجانحيه كخنجر مسموم
واليوم عدت لتسألي عينيه عما فات
هل غير حب مات ؟!
يا خيبة الوجدان
لن تبعثي إلاّ الأسى في ذلك الإنسان
لن ترجعي ما كان ..

(116)

انكسارة جرح

في جذل الطفل حملت جرحي
وضعته بين يديك غافياً
تحنو على سريره كل ابتهالاتي
كل أفراحي
كل كآباتي
لن تطّلع عليه
شفرة ضوء تركته منذ ألف عام
بين ضلوعي ومضت
ومنذ ألف عام
أحمله
نسيته جرحاً
نسيت أن خنجراً أحدثه يوماً من الأيام
عاد سميري
كنزي الخافي عن الأبصار
صارت لنا أسرار
أخفيها حتى على حزني وأفراحي
في جذل الطفل حملته على يدي
وضعته بين يديك
مثلما تُرفع في كنيسة صلاة
ومثل قاتل أصيل
غرزت فيه عطفك المرهف حتى الجذر
طعنته حتى قرار القبر
عذراً إذا شجاك
أما أنا
فعلميني الندم
وعندما أحمل من بين يديك جرحي
منكسراً
لاتسأليني أي شيء
إنني أنزف حتى الموت
لهذه الجثة في يدي
هذا الذي استبيح مرتين

[رجل الظلام]

(117)

لحظة عُري

تقاطعت أعيننا
تدنو الوجوه ثم تنأى
أعين الطلاب
ترمقنا
أبحث في بحار عينيك عن الشطآن
عن سارية أضعتها
نسيتني ؟
أربكني السؤال
أبدو عارياً أمام عيني طفلة نسيتها
ألست ؟
لن تذكر
أنت ؟
لا ..
سننسى
تكثر الوجوه
ننسى
تعبر السنين
ننسى
أعين الطلاب كم تربك
هل ذكرت ؟
يا كل السماوات التي تغفو بعينيها
شراع تاه
لكن أين ؟
نجم تاه
منذ متى ؟
ولكن أعين الطلاب
وهي تلح
تذكرت ليلة الميلاد ..؟
ها ..؟!
وأضاء نجم بين عينيها
شراع عاد من سفر بعيد بين عينيها
وكانت أعين الطلاب تطفو
ثم ترسب
ثم تطفو بيننا
هيا إلى القاعه

[رجل الظلام]

(118)

احتراق يومي

وكأنما أوهمت وهماً
وكأنما لم ترسمي عينيك في عينيه رسما
وكأنما ..
عبث ونأسف ألف مرة
ونعود نعبث
ثم يذبحنا التمزق كل مرة
ولأن حبك لم يكن إلا ظنون
قلنا يكون ولا يكون
قلنا ومثل الأخريات
ستمر
نذكرها كوجه من وجوه الأخريات
يومان ..
أسبوعان ..
عفوك .. نحن أصبحنا نكون ..!
وكأنما أوهمت وهما
وكأنما لم تزرعي شفتيك في شفتيه وشما
وكأنما كان انتظارك والطريق على مداه
محض انتظار
كانت مراقبة الطريق على مداه
محض ابتكار
ولبست ما كان اشتهاه
وأريته لون الأظافر مثلما كان اشتهاه
وكقطة مقرورة بيضاء كنت تمرّغين
في صدره المتهدل الأزرار وجهك
ترجفين
وتغمغمين
ومضيت
لا كان الطريق
ولا خطاك على الطريق
ولا ابتسامتك الصغيرة
ولا التنهدة الغريرة
إلا ابتكار
محض ابتكار ..!

[رجل الظلام]

(119)

توقيع

أأنق من نحلة
أعز من سنبلة ريانة طفله
أعذب من قبله
كل بهار الهند
كل مياه السند
مزرعة من قصب السكر
تقطرت في غصن سنديان
يلتف بالماكسي
يا غصناً أسمر
ياكرمة تكاد من عنقودها تسكر
يا ثرة المياه
تفطرت كل شفاه الكلمات
احترقت
على ضفاف نهرك الإله

[رجل الظلام]

(120)

سلسلة الذهب

سلسلة الذهب
تعبث بالأصابع البلور
يعبث فيها قلق الأصابع البلور
تصعد للشفاه
تسكن في مواطن اللهب
تُفلتها
فتهبط السلسة الذهب
تدخل في منعطفات النور
وتلتقي العيون
يبتسمان
تهبط العيون
تنكسر النظرة
تلتقي الهواجس ، التوقعاتُ ، والظنون
يلتقي المجهول كله
على سلسلة الذهب

[رجل الظلام]

[رجل الظلام]

وقفة حب للجواهري

( من مجرة الجواهري )
كتب العمل بتاريخ : 1968

شـَدُّوا إلـَيـكَ نـيـاط َ القـلـبِ والـعـَصَبـا
وَوَطـَّأ وا خـَطوَكَ الأجـفــانَ والـهـُدُبـا
وَسـَمـَّروا كـُلَّ ضِـلـْع ٍمِن أضا لـِعـِهـِم
في كلِّ مـُنـْعـَطـَفٍ جـا وَزتـَه ُ نـُصُـبـا
وَفـَتـَّحـُوا لـَكَ أبـوابَ الـصُّـدورِ وَقــَـد
كانـَتْ تـَلوحُ كأنْ قـَد أ ُوصِدَتْ حـِقـَبـا
لو استـَطاعُوا أضاءُوا مِن مَحاجـِرِهِـم
على طريـقِكَ في تـِلـكَ الـدُّجى شـُهـُبـا
وَسـَيـَّروا الرِّيـحَ مِن أنـفـاسِهـِم شـَرَفـا ً
أنْ يـَحـمِلـوكَ عـلى أنـفـاسـِهـِم حـُدُبــا
أنْ يَلمِسُوا مِنكَ كـَفـَّا ًباللـَّظى غـُمِسَـتْ
وَيَـلـثـِموا مِنـكَ وَجْهـا ًبالسَّـنى عُصِبـا
وَيَحضِنوا ذلـكَ الـصَّد رَالذي حَضَنـَتْ
عـِظـامُه ُالـكـَونَ كلَّ الكـَون ِما رَحـُبـا
أسـبـابُ أهـلـِكَ يـا أوفـاهـُمُ رَحـِمـا ً
أقـاطِـعٌ أنـتَ مِـن أسـبابـِهـِم سـَـبـَبـا ؟!

أ ُنظـُرْتـَجـِدْ في عيون ِالنـَّاس ِأيَّ هـَوىً
جَذلانَ تـَهتـِكُ عَـنه ُالـنـَّظرَة ُالحـُجُـبــا
يـَكـادُ مَن يـَشـهـَدُ الأعـنــاقَ مـُتـْـلـَعـَة ً
إلـَيـكَ يـُبـصِرُ منـهـا مَنـظـَرا ًعـَجـَبـا
أكـُلُّ قــَلـبٍ لـَه ُ في ما شـَـدَوتَ بـِه ِ
شـأ نٌ ، فـَكـُلٌّ بـِشَيءٍ منكَ قـد جـُذِبـا ؟
أم أنـَّهـا هـا لـَة ُالـمَجـْدِ الـتي سـَكـَبـَتْ
عـلى الجـَبـيـن ِمنَ الأضواءِ ما خـَلـَبـا
وأروَعُ الـمَجْـدِ مَرْمَى هـامَةٍ زَحـَمَـتْ
ذ ُرى الـسَّماءِ ، وَخـَطـْو ٍلم يـَزَلْ تـَرِبا !
مـا كـانَ مَجْـدُ كَ مِزمارا ً تــُرَنـِّـمُـه ُ
وَقــَيْـنـَـة ً تــَتـَـلـَوَّى حـَولـَه ُ طـَرَبـا
وَلا رَنـيـنَ كـؤوس ٍكـُـلـَّمـا امـتـَلأتْ
طـَفـَتْ حُـلومُ ذ َويـهـا فـَوقـَهـا حـَبـَبـا
وَلا حـَدَوتَ رِكـابَ الأرذ َلـيـنَ بـِمـا
يـُوحَى إلـَيكَ ، وَلم تـَمسَحْ لـَهُم ذ َنـَبـا
بـَلى ، رأيـْتــُكَ حَـتـْـفـا ًوالـِجـا ً أبـَدا ً
بيوتـَهُم ،مُكـْفـَهـِرَّا ً،عاصِفا ً،غَضِبـا
لم تخْشَ إذ ْكنتَ صِلَّ الرَّملِ مُنتصِبا ً
أنْ يـَسلِبوكَ ، وَهَل مِن مُرمِل ٍسـُلـِبـا ؟
حتى إذا عَجـَمُوا صُلـْبَ الـقـَناة ِفـَلـَم
يـُلـْـفـُوا، كما وَهِمُوا، بانا ًولا قـَصَبـا
جَرَتْ نـُهَيـْراتـُهُم مِن حَول ِرَمْلـَتـِهـا
تـُشَعشـِعُ الما لَ ،والألقابَ ،والـُّرتـَبا
تـَوَهـَّمُوا هـامَة َالـعـِملاق ِتـُثــْـقـِلـُهـا
تِلكَ الثــِّمارُفـَتـَحـني جذعَها الصَّـلـِبا
لـكنْ أبـَتْ كـلُّ ذ َرَّاتِ الـرِّمال ِفـَلـَم
تـَشرَبْ، وَظلَّ مَهيبُ العُودِ مُنتـَصِبا !
وَهـَلْ يـَقــَرّ ُ جـَنـاحٌ أنـتَ ناشِـرُه ُ
إلاّ عَلى مُرتــَقىً أو يَفـرَعُ السـُّحُـبـا !

أبـا فـُراتٍ ، وَلـَنْ يَـنـفـَكَّ مُرتــَقـِبـا ً
شـَوقُ الجموع ِ،وَلنْ تـَنفـَكَّ مُرتـَقـَبا
خَمسونَ عاما ًصَواريهـِم يَجيشُ بها
خِضَمُّ شِعرِكَ ما لانـَتْ ، وَلا نـَضَبا
أولاءِ واللهِ ، لو خـَيْـلُ الفـُراتِ كـَبـا
طـُوفانـُها عَذ َروا أنَّ الـفـُراتَ كـَبـا
إلاّكَ يا حـاديَ الطـُّوفـان ِ..لا عـُذ ُرٌ
ولا شـَفـاعَة َإنْ لم تـَفـرَع ِالـشـُّـهـُبا !
هذا هوَ المَجدُ سـَبـَّا قـا ًيـُقـَصِّرُعـَن
أدنى مَرامِيه ِسـَعيُ المَجدِ ما وَثــَبـا
ذا المَجـدُ يا فاصِـدا ًًأعـراقـَهُ جـَذِلا ً
أنْ يَشرَبَ النـَّاسُ منها عَـلقـَما ًعَذِبا !
ذا المَجْدُ يا مُطعِما ًمِن لحْم ِصِبْيـَتـِهِ
جُوعَ الجياع ِوَهُم أشجى الوَرى سَغَبا !
تـَجـِفُّ كلُّ بحـارِالأرض ِغـَيْـرَ دَم ٍ
وَهـَبْـتَ لـِلنـَّاس ِيَـبقى دافـِئـا ًرَطـِبـا
وَخـَيْـرُهُ ، وأ ُحـَيْــلاهُ ، وألـصَـقــُهُ
بالرُّوح ِ والفِكرِ، والخَفـَّاق ِما وَجَبا
أنـَّا ، إذ ا لـُحْـتَ ، أومأنا بـِألـفِ يـَدٍ
مُنـَبـِّهـيـنَ بـِهـا أفـراخـَنـا الـزُّغـُبـا !

أولاءِ أهـلـُكَ يـا حـادي مـَواكـِبـِهـِم
كم أ ُجْهـِدُوا فحَدَوتَ المَوكِبَ التـَّعِبا
تـَرمي بـِه ِالوَعْرَ لا يَلـوي أعِـنـَّـتـَهُ
وَتـَزحَمُ الـمَوتَ لا يَـثـني لـَهُ رُكـَبـا
وأيـنَ تـَلـقى عـَظيـما ًقـالَ قــا فـيـَة ً
فــَقـادَ في كلِّ بـَيـْتٍ جَحْـفـَلا ًلـَجـِبا !

يا خالَ عَوفٍ وأكـْرِمْ بالتي وَهـَبَتْ
مُخـَلـَّدَ الـشـِّـعـرِ أنـقى دُ رَّ ة ٍوُهـِبـا
سَلْ عَن أ ُهَيْـلِكَ هَل غَصَّتْ مَحافـِلـُهُم
وَلـَم تـَكُ الـقـَلبَ مِمـَّا قـيـلَ أو كـُتـِبـا

هَل ارتـَقى مِنبـَرا ًلـِلشـِّعـرِ مُلـهـَمُهُم
إلاّ وَكـُنـتَ خـَيـالا ًدونـَـهُ انـتـَصَـبـا
حـَتـَّى لـَتـَنـفـَتِحَ الأجـفـانُ مُـثــقــَـلـَة ً
وَيـُنصِتَ السـَّمْعُ لا نـَبْعـا ًوَلا غـَرَبـا
لـَقــَد قــَرَعْـتَ نـَواقـيسـا ًمُـدَ وِّيـَــة ً
تـَرَكـتَ كـلَّ قـَريض ٍبـَعـدَهـا لـَغـَبـا !

قالوا اغتـَرَبـْتَ ، ألا فـُضَّتْ مَقاوِلـُهُم
متى رأيـْتَ الأديـبَ الـفـَرْدَ مـُغـتـَرِبـا ؟
متى سـَيـَفـهـَمُ هـذ ا الـخـَلـْقُ أنَّ لـَنـا
في كـلِّ آهـِلـَة ٍ مِن شـِعـرِنـا نـَسـَـبـا
لـَقـَد رَحـَلـتَ عـَزيـزا ًإذ تـَرَكتَ لـَنـا
أشقى غـَريـبـَيـن ِفـينـا الـفِكـرَوالأدَبـا !
سَل ِالعراقَ الذي غـَنـَّيتَ ، ما وُصِبـا
وَما تـَحَدَّى، وما استـَعدى، وما غَضِبا
ألـَم يـَكـُنْ مِـنـهُ أفــواهٌ مُـمَـزَّ قــَـة ٌ
تــَمُجُّ والـدَّمَ بـَيـْـتـا ًمِـنـكَ مُـلـتـَهـِبـا ؟!
تـا للهِ مـا بـارَكـَتْ شـَمسٌ مَرابـِعـَه ُ
وَلا تـَدَ لـَّى بـِه ِغـَيـمٌ ، وَلا سـَكـَبـا
إلاّ سـَمِعـنـا سـَلاما ً مِـنـكَ تـُرسـِلـُه ُ
عَبْرَ الـبُحورِ ، وَتـَرجيـعا ً لـَهُ طـَرِبـا !

يا واهِبَ الشـِّعـرِ مِن عَينـَيهِ ضَوءَهُما
وَمِـن جـِراح ٍ يـُعـانـيـها دَما ً سـَرِبـا
وَمِـن مَصـائـِرِ أطـفــال ٍ تـُطـا لـِبـُــه ُ
عـُيونـُهُم د ونَ أن يـُدنـي لـَهـُم طـَلـَبـا

يـُقــَلـِّبـُونَ عـلى شـَعـواءَ يـُطـعـِمـُهـا
مِن لـَحْـم ِ جَنـْبـَيهِ تـِلكَ الأوجُهَ النـُّجُبـا
مُؤمـِّلا ًأنْ تـَهـيـضَ الـرِّيحُ جـَذوَتـَهـا
فـَتـَسـتـَحـيـلَ لـِخـيـْرٍ دائِـم ٍ سـَـبـَبـا
آمـَنـتُ أنـَّـكَ أنـقى الـحـاطِـبـيـنَ يـَـد ا ً
أنْ رُحْتَ طـَوعا ًلـِنا ر ٍهِجْتـَها حَطـَبا !
يـا خالَ عوفٍ وَقـَد أضرَيْتَ جَذوَتـَها
واحـَسْرَتا ، إنْ أحـِدْ عنها ، وِواحـَرَبا !
نارٌ نـَذ َرنا لهـا الأضلاعَ مُضطـَرَبـا ً
حتى تـَضـَرَّتْ على أفـراخـِنـا لـَهـَبـا
وَلم يـَزَلْ نـَحـوَهـا يَسـعى بـِنـا خـَبَبـا ً
رَغـمَ الأذى كـَونـُهـا أ ُمـَّا ً لـَنـا وأبـا !
يـا خـا لَ عوفٍ وَلم نـَفـزَعْ لـِقـافـيـَة ٍ
مِمـَّا نـُعـانـيـهِ ، سُـلـوانـا ًولا هـَرَبـا
وَيـْـلـُمِّ كـَفـِّيَ مِن حـَرفٍ أ ُسـَـطـِّرُه ُ
فـَلا أرى بَعضَ عُمري فوقـَه ُصُلِبـا !
فـَإنْ تـَمَـزَّ قــتُ عـن آه ٍ يـُغــالـِبـُهـا
صَبْري، فكـُنْ عاذِرَ الصَّبْرالذي غـُُلِبا !

يا خـالَ عـوفٍ .. أأوراقٌ مُبـَعـثـَرَة ٌ
هذي القلوبُ نأتْ عن بَعضِها عُصَبا ؟
تـَعـَرَّت الـدَّ وحـَة ُالمِعـطـاءُ مُعْـوِلـَة ً
وأذبـَلَ الـخـُلـْفُ ذاكَ الـمَرْتـَعَ الأشـِبا
وَقـَطـَّعَ الـشـَّكُّ أسـبـابـا ً نـَلـوذ ُ بـِهـا
في عاصِفٍ لم يـَدَعْ مِن خـَيمَة ٍطـُنـُبا
يا خـالَ عَوفٍ وأشجى ما يـُؤرِّقــُنـا
أنَّ المَصائبَ تـُذ ْكـي بَـينـَنـا الـرِّيـَبـا
في كـُلِّ يـَوم ٍ لـَنـا جـُرحٌ نـُـفـَـتــِّـقـُه ُ
لـِنـَلعَـقَ الـدَّمَ يـُوري الحِقـْدَ ما شَخـَبـا
قـَد يـُسفـَحُ الـدَّمُ ، جُـذ َّتْ كـَفُّ سافِحِه ِ
لـكنْ أمَـضُّ مِنَ الـسَّـفـَّاح ِ مَنْ شـَرِبـا !
أمسـَتْ ظـَلامـا ًقـلـوبٌ كانَ يـَعـمُرُهـا
مِن الـمَحـَبـَّة ِ نـُورٌ ، لا أقـولُ خـَبــا
لـكنْ أرى زَمهـَريـرَالحـِقـْدِ يـَصفـَعـُه ُ
وَلا أرى شـا جـِبـا ًمِن بـَيـنـِنا شـَجـَبـا

يا خالَ عَوفٍ أقـِلـْني إنْ عـَثـَرتُ فـَقـَد
يـَنـبُـوالصَّـقيلُ وَإنْ لم يَنـْبُ مَن ضَرَبا !
أورَيْـتَ أنـتَ زِنـادي فـاحـتـَرَقـتُ بـِهِ
عشرينَ عاما ًصَبورا ً،شامِخـا ً،شَحِـبا
وإنـَّني مِـنـكَ فـَرْخُ الـنـَّسْــرِ يـَحـمِـلـُهُ
عـلى جـَنـاحـَيـْهِ جـَبـَّارَيـن ِإن تــَعـِبــا

[رجل الظلام]

كنا نسميه شوقاً

ألقيت في الاحتفال بعيد المرأة العراقية / 1986

عبد الرزاق عبد الواحد

الكـبرياء الذُرى ، والحسن ، والتـرفُ
والحب ، والمجدُ ، والإيثارُ ، والشرفُ
وقـفتَ والشعر تـزهو في مـدارجها
فانظر على أي صرحٍ بـاذخٍ تقـفُ !
والكبرياء الذرى ، والحسنُ .. أيَّ مـدى
يمضي بنا ، لو نسينا نفسنا ، الشغفُ !
وكيف ننسى ، وضـوء الله أسـطـعه
هذي الوجوه ، وهذا الناصع الأنـفُ
هذا الجـبين الذي نـفـنى بأجـمعنا
ولا نرى فيه مجد الشمسِ ينكـسـفُ !
*
يا أخـتَ نخـل العراق الـلاتميـلُ به
ريحٌ ، ولكن دلالاً يلعـبُ السعـفُ !
حلاوة التمر أو أحلى ، وجوهرهـا
مثل النـواة عليه السـن تنـقـصفُ !
يا بنت خير أبٍ .. يا أخـت خـير أخٍ
يا أم أكـرم من في أرضهـم نـزفـوا
وأنتِ عـدلهـمو طـراً فقـد وجفـت
كل القلوب ، وهذا القلب لا يجـفُ !
*
يا أختَ صـدام .. كل الزهو أن لـنا
من حُرِّ وجهِكِ ما نَهوى ، وما نَصِـفُ
لقد عشـقناكِ بـذلاً لا حـدودَ لـه
ما شـابه نـدم يـوماً ، ولا أسـفُ

بلى ، يوشح بعض الحزن هـيـبته
حيناً .. وبالبدر حـيناً يعلـق الكـلفُ !
*
يا أختَ صـدام .. تأريخٌ فـأنشـره ؟
أم حـاضر كل يـوم منه ترتـشـف ؟
ألست بنت التي " لـولت " لـواحدها ؟
"هزت ، ولولت ".. بَراها السهدُ والشظفُ
حتى إذا جـاء محمـولاً يفيـض دمـاً
كانت هـلاهـلها والـنار تـنـذرفُ !
*
ألسـتِ من خفـقت يـوماً عـباءتهـا
في "وقعةِ الجسر" تهدي زحف من زحفوا
حتى إذا اخـترمتـها النار ، وانكفـأت
ظلـت أهـازيجـها مجداً به هتـفوا !
*
وأنتِ ها أنتِ .. يبقى الفرس عمرهمو
قـلوبهم منكِ في الأهـوار ترتجـفُ !
أيعـلمون ، وقد ذاقــوا مـرارتـها
وبعض غيـظـك هـذا ما به خسفـوا
مـاذا تعـد لهم بغــداد مـن رجـمٍ
ومـا تخـبئـه الحـدباء والنجـفُ !
تـالله تصبح هـذي الغـارفات هـوىً
كواسـراً من دماءِ الفرسِ تغـتـرفُ !
*
يا أختَ عشتار .. إن الشعر أصـعبه
ما ظل يومـي عن بعـدٍ ، ولا يقـفُ !

قد كان لـي ذات يـومٍ أي مـزدلـفٍ
كان الصبا رغم ذاك البؤس يزدلـفُ
كـنا نسـميه شـوقاُ مـرة ، وهـوىً
نأتـي ذنـوباً صغيراتٍ .. ونعترفُ !
ترى كبرنا ؟ .. أم أن الشعر من قلـقٍ
أمسى يرى .. ثم يدنو .. ثم ينحرفُ ؟!
*
نـذر لمجدك ما قـالوا ، وما وصفوا
سـيان ما اتفقوا فيه ، وما اختـلـفوا
بقيت أنتِ ، على ما قـيل ، لـؤلـؤة
محارها هذه الأجـفان لا الصـدفُ !
*
يا زهـو كل العراق الـلـيسَ يدركه
ما يبدعُ الشعر ، أو ما تفرع الصحفُ
إلا القـلوب .. وعندي من خوافـقها
قلبٌ إذا جـزت خطفاً فيه ينخطـفُ !
يقال عنه كـثير .. وهو في شغـلٍ
بكل شيء ، سوى أوجـاعه ، كـلفُ
وما الـذي أبقـت الدنيا لصاحـبها ؟
شابت ذوائبـنا والناس ما نصفـوا !
جرى بنا العمر طوفـاناً ، وزوارقـنا
في عاصفٍ ثائـرِ الأمواجِ ينجـرفُ
لكـننـا ، ورزايـانـا نكـابـرها
نـدنو دنـواً لمرسانا ، وننصـرفُ !
*
تحـية لـكِ يـا نبـعاً بأضـلعــنا
عـليه خـيمة كل العمـرِ تـعتكـفُ
يـظـل عيـدك أبهـى مـا يذكـرنا
بأن في الأرض سـراً عـنده نقـفُ !