أبا حذيفة
ذب الله النار عن وجهك يوم القيامة
كما نافحت عن اخيك المسلم
الأحبة الكرام
الذين يقولون بعدم شاعرية الرجل
نظروا له من باب واحد وهو باب الغزل
ولم ينظروا له من أبواب الشعر الأخرى
وكأن الغزل هو الباب الوحيد في الشعر العربي
حيث ابتعد كل البعد عن شعر الغزل والمجون
فصار يرمى بالتهم ويشكك في شاعريته
من هم هؤلاء النقاد حتى يرقوا إلى نقد شاعر كا العشماوي
إلى أولئك أقول لهم ما قاله العشماوي عن نفسه
(( عـــفـــواً بــنــي قــومـــي ))
قالوا أرح عينيك من طول السهر = وأرح فؤادك من أنينك والضجر
قالوا أقم للشعر مملكة بها = من كل غانية منعمة أثر
وارسم لنا من جسم ليلى لوحة = تتنافس الألوان فيها والصور
وازرع لنا في كل حرف واحة = فيها الندى يهمي فينتعش الشجر
علق لنا فيها قناديل الهوى = وانثر على الجنبات أمزجة البشر
لقن نجوم الليل أغنية الهوى = وانثر رحيق العشق في أذن السَّحر
أثخنت شعرك بالجراح كأنما = تسعى إلى تغيير ما صنع القدر
هذا هو الأقصى ملأت قلوبنا= حزناً عليه ولم يزل قيد النظر
هذي ربى لبنان أمحل روضها = فهل استعاد الشعر منها ما اندثر
هذا الخليج مضرج بدمائه =أترى القصائد سوف تجبر من انكسر
أتريد أن تحيي رفاة إبائنا= بالشعر أو ترقى إليك بمن انحدر
خدر مشاعرنا بأنغام الهوى = فلقد تعودت النفوس على الخدر
عفواً بني قومي فلست بشاعر = يملي على الكلمات أمزجة البشر
هذي جراحكم التي أصلى بها = أشدو بها شدواً يخالطه كدر
سأظل أعزفها على وتر الأسى = حتى أرى في الأفق تلويح الظفر
من أين تبتسم القصائد في فمي = والذكريات تملؤها بأصناف العبر
أنا لست زماراً إذا نادى الهوى= لبى وإن نادى مناد الحق فر
أنا لا أريد لأمتي في دربها =إلا سمواً عن مهازل من كفر
أنا لا أريد لأمتي إلا مدى = رحباً وبعداً عن مضاجعة الحفر
أنا أيها الأحباب قلب نابض = انا لست تمثا ولا قلبي حجر
كم من طفلة في أرض لبنان اشتكت= يتماً وكم عين مدامعها مطر
أو ما ترون يد الحوادث فوق= الرؤوس تدق ناقوس الخطر
أو ما ترون الليل يغمر أمتي = لانجمة غنة ولا رقص القمر
أو ما ترون الأقربين استخدموا = فينا سلاحاً ليس يبقي أو يذر
كم غادة تبكي على العرض الذي = لعبت به أيدي قراصنة البشر
لو أنني سخرت شعري للهوى = لجعلت صخر الحب في أرضي مدر
وجعلت إعراض الصبايا رغبة= ولويت بالإصرار أعناق الحذر
لكن لي قلباً إذا سليته =ألوى العنان وراح يخفق بالضجر
هاتوا فؤاداً لا يحس بما جرى = هاتوا عيوناً لا يؤرقها السهر
وخذوا أرق الشعر مني واسمعوا= أخبار من وصل الحبيب ومن هجر
لا تطلبوا مني اغتيال مشاعري = لا تمنعوني من مواصلة السفر
لا تسألوا عن طعم حزني إنه= كالصبر بل هو من مرارته أمر
لا تسألوا عن نار حزني إنها = سقر أما تدرون ما معنى سقر
عفواً بني قومي فإن قصائدي =جسرا إلى أمل قريب منتظر
أدعو إلى الإيمان دعوة شاعر= شرب الأسى من أجلكم وبه انصهر
بيني وبين الشعر عهد صادق أن = نجعل الإسلام مبدأنا الأغر
كم نافح هذا الرجل عن قضايا الأمة حين تدثر الجميع حلل التزلف
كم وكم وقف بشعره في وجه الطغاة
لا يهمه ما يقال في حقه
فقد عرفه الجميع
ولا ينكر شاعريته إلا حاقد أو حاسد او جاحد
لم يحد إلى طريق الغزل وشعر المجون
ولو كان ذلك
لأصبح هو شاعر المليون دون منازع في نظر الكثير
لو أنني سخرت شعري للهوى = لجعلت صخر الحب في أرضي مدر
وجعلت إعراض الصبايا رغبة= ولويت بالإصرار أعناق الحذر
لقد عاهد الشعر ووفى بعهده معه :
بيني وبين الشعر عهد صادق أن = نجعل الإسلام مبدأنا الأغر
ختاماً :
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى =حتى يراق على جوانبه الدمُ